شبكةُ شموخِ الإسلامِ


منتدى المجَاهِدَاتِ الشَّامِخَاتِ يُقَدِّم:




تفريغ مقال





خيبات الكافرين
في الحرب على الدولة الإسلامية [1]





الصادر عن صحيفة النبأ العدد 233
الخميس 14 رمضان 1441 هـ


_____________________








بعد الهزيمة المذلّة التي تلقاها الجيش الأمريكي الصليبي في معركة الفلوجة الأولى، تحولت المدينة إلى حالة هي أقرب للتمكين، وبات المجاهدون يتحركون داخلها بحريّة، ويلتقون بالناس، ويدعونهم إلى دين الله تعالى ويحرضونهم على نصرته، وحتى الفصائل التي سعت لجعل تلك المعركة مطعنا ضد المجاهدين باتهامهم بتدمير المدينة والتشنيع على قرار المواجهة الذي اتخذوه ضد الصليبين باتت تستغل ما أتيح في المدينة من حرية في إدارة بعض شؤونها.
وعندها أحس الصليبيون بالخطر الداهم الذي يتهدّدهم ويتمثل بتغير قناعة المجاهدين من الاستمرار في حرب كر وفر لا نهاية لها، إلى التفكير جديا في قطف ثمار الجهاد ولو بشكل مرحلي، من خلال فرض التمكين في ما أمكن من الأرض ولو جزئيا، ثم توسيع مناطق التمكين رويدا رويدا، وعدم انتظار تحقيق النصر النهائي لفرض هذا الواقع على الأرض.
والحقيقة أن هذا ما كان يدور في أذهان أمراء المجاهدين آنذاك وعلى رأسهم الشيخ أبو مصعب الزرقاوي رحمه الله، خاصة أن الجيش الأمريكي كان قد دخل في مرحلة انكفاء إلى القواعد العسكرية والمدن الكبرى تاركا للمجاهدين حرية الحركة في المناطق الريفية والصحراوية الواسعة الممتدة من ديالى شرقا إلى بادية الأنبار غربا، بل كان من مناطق حزام بغداد ما قد حرّم دخوله على الصليبين والمرتدين.

ولهذا كانت معركة الفلوجة الثانية التي حشدت لها أمريكا وحلفاؤها عشرات الألوف من الجنود، ضد مئات من المجاهدين، وكان القرار بإخراجهم من المدينة مهما كان الثمن، واستخدموا في سبيل ذلك أفتك أسلحتهم وأشدها تدميرا، وتحملوا الخسائر الكبيرة ماديا وبشريا على يد القلّة الصابرة من الموحّدين، وجندوا أولياءهم من الإخوان المرتدين والصوفية وغيرهم لتخذيل المجاهدين وطعنهم في ظهورهم، حتى اضطروا للخروج من المدينة المدمّرة بعد أن خاضوا فيها ملحمة من ملاحم الجهاد الكبرى في هذا العصر.





من المدينة إلى الدولة


ولم تنجح إرادة أمريكا في جعل "الفلوجة الثانية" درسا قاسيا لكل من يفكّر بالتمكّن من الأرض، إذ كان سعي المجاهدين فور انتهاء تلك المعركة منصبّا على اختيار أصلح المناطق في العراق لتركيز الثقل الحربي عليها في المرحلة المقبلة، في سبيل طرد الصليبيين والمرتدين منها، وإقامة دين الله تعالى وأحكامه فيها، وجعلها مأمنا للمجاهدين يأوون إليه، ومنطلقا لفتوحاتهم يغزون منه، وقد كانت الخيارات في أيديهم متعددة آنذاك بحمد الله، فكان عليهم المفاضلة بين مناطق ريف الأنبار المنفتحة على باديتي الجزيرة والشامية، ومناطق حزام بغداد الكثيفة الأشجار الحسنة الاتصال بكل المناطق الأخرى، ومدينة الموصل وريفها الجنوبي البعيدة عن بغداد، ومناطق ديالى الريفية المنيعة، بطبيعة أرضها ورجالها، وهي التي وقع عليها في النهاية الاختيار، وانتقل إليها الشيخ أبو مصعب للاستقرار فيها، وإطلاق مشروع الدولة الإسلامية منها، حين قدّر الله تعالى أن يقتل رحمه الله على أرضها قبل الإعلان عنه، ودعوة الناس للانضمام إليه.

ولكن المشروع الذي عمل عليه الشيخ وإخوانه وأقاموا بنيانه وهيؤوا مقدماته لم يتوقف بمقتله رحمه الله، كما لم يتوقف من قبل بأسر الشيخ أبي علي الأنباري القرشي أمير مجلس شورى المجاهدين الذي كان مرجحا أن يتولى إمارة الدولة الإسلامية القادمة، وهكذا لم تمض شهور على تولي الشيخ أبي حمزة المهاجر رحمه الله إمرة المجاهدين، حتى أعلن حل تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين وجعل 12000 من مجاهديه تحت إمرة أمير دولة العراق الإسلامية الشيخ أبي عمر البغدادي رحمه الله، والذي صار وزير حربه، لتقوم الدولة الإسلامية -بحمد الله- رغم أنف الصليبيين والمرتدين.




الصحوات


فكان رد الصليبيين السريع أن يتفرغوا لإنهاء وجودها وتقديم ذلك على كل أمر آخر لديهم، لضمان الانسحاب من العراق بأقل الخسائر خاصة أن ملامح هزيمتهم هناك باتت بادية للعيان، فحشدوا عشرات الألوف من الجنود جلبوهم من ساحة أفغانستان ومناطق أخرى، وصرفوا للأمر ميزانية عاجلة قدرت بأكثر من 10 مليارات من الدولارات، وقرروا التصالح مع كل الفصائل المقاتلة في العراق التي توافق على الدخول في معركة وأد الدولة الإسلامية الوليدة ودعمهم لتحقيق ذلك، فأطلقوا سراح معتقليهم من السجون، وأوعزوا لأذنابهم من طواغيت الخليج أن يفتحوا عليهم بوابة التمويل الغير محدود تحت غطاء الجمعيات الخيرية وهيئات نصرة المجاهدين في العراق، وأعطوهم الحرية في الحركة والانتشار العسكري في مختلف المناطق، و منحوهم الإذن للسفر وعقد الاجتماعات مع مختلف الأطراف داخل العراق وخارجه، لحشد المؤيدين لهم، وتحريض كل من يسمع منهم على الطعن في الدولة الإسلامية وإباحة قتالها تحت دعاوى الغلو والبغي والخارجية والعمالة لمختلف الأطراف التي تحاربها وغير ذلك من الأكاذيب التي لا تزال تستعمل لهذا الغرض في كل حين.

وتمكن الصليبيون والمرتدون من إجبار المجاهدين على الانحياز من مناطق تمكينهم وانتشارهم تحت وطأة القصف والإنزالات من الجو وغدر الصحوات وخياناتهم على الأرض، واضطر كثير ممن نجا منهم من القتل والأسر إلى الاختباء أو الانتقال إلى الصحاري والبوادي، لتقليل الخسائر وإعادة ترتيب الصفوف، وفي الوقت نفسه استمر الجهد الاستخباراتي للصليبيين منصبا على الوصول إلى وزراء الدولة الإسلامية وأمرائها وطلبة العلم فيها، فاستحر القتل والأسر فيهم، وضاقت الأرض على المجاهدين بما رحبت، وبلغت قلوبهم الحناجر، حتى بلغ الضيق بهم أشده، بتوصل أعداء الله تعالى إلى معرفة مكان الشيخين، حيث قتلا -تقبلهما الله تعالى- بعد أن آثرا القتل على الأسر، فعل ذوي العزم من أتباع المرسلين، وذلك في أواسط العام 1431هـ.




الاحتفال المبكّر بنهاية دولة العراق الإسلامية


وفور الإعلان عن مقتل الشيخين بدأ الانسحاب الأمريكي من العراق، ولتحتفل أمريكا بهذا الأمر، ويزعم طواغيتها أنهم أنهوا الدولة الإسلامية في العراق، بإجبار مجاهديها على الانحياز من مناطق تمكينهم، وتسليمها للروافض والصحوات لمنع عودتهم إليها، وقتل خيرة مجاهديها وأمرائها وأهل العلم فيها، ثم قتل أميرها ووزيره، وظنوا أنهم شتتوا بذلك شمل من بقي منهم بأن يصعب منهم الاجتماع على أمير واحد وتحت راية واحدة مرة أخرى، وسرعان ما يدخل بينهم الخلاف والتنازع، فيفشلوا وتذهب ريحهم كمن خلوا قبلهم من أتباع التنظيمات والجماعات المرتبطة بشخص قائدها فتموت بموته، أو تتفكك من بعده، أو تنحرف عن خطها القديم لتكون شيئا آخر غير الذي كانت عليه في حياته، ولم يعلموا أن ربنا سبحانه قد أبقى لهم ما يسوؤهم ويدخل الرعب والأسى إلى قلوبهم ولو بعد حين، ويمكرون ويمكر الله تعالى والله خير الماكرين.
إذ وفّق جل جلاله أمراء المجاهدين على الاجتماع على بيعة الشيخ أبي بكر البغدادي رحمه الله، واختياره أميرا لدولة العراق الإسلامية، وتبعهم على ذلك عامة مجاهديها، وأعانهم سبحانه على إحياء الجهاد في العراق من جديد، لتعصف رياحه بخيام المرتدين من بعد أن ظنوها قد سكنت، وتلفحهم ناره المشتعلة وقد حسبوا أنها خمدت، فيسّر الله تعالى فكاك أسر كثير من المجاهدين، وهدى بعض من كان قاعدا للالتحاق مجددا بمعسكرات الإعداد وتجمعات المجاهدين في جزيرتي الموصل وسامراء وبادية الأنبار.






*****


المدونات:



--

_____________________




رمضان 1441هـ