شبكةُ شموخِ الإسلامِ


منتدى المجَاهِدَاتِ الشَّامِخَاتِ يُقَدِّم:




تفريغ الافتتاحية





أسوء كوابيس الصليبيين







الصادرة عن صحيفة النبأ العدد 226
الخميس 24 رجب 1441 هـ


_____________________




بسم الله الرحمن الرحيم







سلَّط الله تعالى شيئاً من عذابه الأليم على أمم من خلقه، أكثرهم -ولله الحمد- من المشركين، ففعل فيهم الخوفُ من الوباء أكثر مما فعله الوباء نفسه، فأغُلقت ديارهم وعُطِّلت أسواقهم ونشاطاتهم، وحُبس كثيرٌ منهم في بيوتهم وباتوا على شفا كارثة اقتصادية كبيرة، نسأل الله أن يزيد في عذابهم وينجّي المؤمنين من ذلك كله، إنه شديد العقاب لمن عصاه، رحيم بمن أطاعه وتولاه.

وفي ظل هذا الحدث الذي شغل العالم كله، والأممَ الصليبية على وجه الخصوص، بات الأمنُ من أهمِّ الشواغل لحكومات تلك البلدان، في ظل تفريغ شوارع المدن من سكانها، وتكليف أجهزة الأمن والشرط بل والجيوش بمهام المساعدة على مكافحة انتشار المرض وتزويد الناس بالخدمات وحراستهم، وتزداد المخاوف بالنظر إلى احتمال حدوث صعوبات مالية قد تصيب الناس الأكثر فقراً بشكل متزامن مع غلاء في الأسعار ناتجٍ عن شحِّ السلع في الأسواق، مع ما يعنيه ذلك كله من احتمالية زيادة حجم التعدي على الأنفس والممتلكات، وانتشار الفوضى والهرج، كما حدث كثيراً في تلك البلدان أثناء الكوارث المناخية والمشاكل السياسية والاجتماعية.
وقد بات الأمنُ والحروب التي تخوضها الدول الصليبية وانتشارهم العسكري في الخارج من أكثر ما يؤرِّقهم اليوم، فآخر ما يتمنونه أن يرسلوا المزيد من جنودهم إلى مناطق يُحتمل انتشار المرض فيها، أو يضطروا إلى حشد عناصر الأمن والجنود في داخل البلاد في الوقت الذي يبذلون فيه جهدهم لتقليل الحشود والاحتكاكات بين الناس في مختلف وظائفهم.
ولهذا كله، فإنهم يسعون جهدهم اليوم لتقليل احتمالية شنّ المجاهدين لهجمات عليهم داخل بلدانهم الصليبية، أو تصعيدهم لعملياتهم العسكرية ضدهم وضد أوليائهم المرتدين في بلدان المسلمين، لأن ذلك -وفي الحالتين- سيشكل ضغطاً وحملاً إضافيين على كاهل الحكومات التي تنوء اليوم تحت ضغط توفير المزيد من احتياجات شعوبها، في ظل تراجعٍ كبيرٍ في الاقتصاد والواردات، وعجز عن تنسيق الأعمال المشتركة مع الدول الحليفة، ومخاوف من استغلال أعدائهم الآخرين لهذا الظرف العصيب الذي يمرون جميعاً به في تحقيق مكاسب على حسابهم في شتى المجالات.
وآخر ما يتمنونه اليوم، أن يتزامن وقتهم العصيب هذا مع تحضيرات جنود الخلافة لضربات جديدة لهم، شبيهة بضربات (باريس) و(لندن) و(بروكسل) وغيرها، وقد وصلت نسبة إشغال مؤسساتهم الأمنية والطبية إلى الحد الأقصى في بعض الأماكن، وأقصى ما يخشونه اليوم أن يُصبّحهم المجاهدون بيوم كأيام الفتوح الماضيات في أي صقع من أصقاع الأرض التي يورثها من يشاء من عباده، وجيوشهم قد بدأت تدخل في حالة شللٍ بسبب تقييد تحركاتها، والتضييق على ميزانياتها، وانشغالها بالانسحاب إلى أوطانها.
ولذلك كله فهم يُمنّون أنفسهم اليوم بفترة تهدأ فيها حركة المجاهدين، وتسكن خلالها نارُ الثأر في نفوسهم على ما أجرموه بحق المسلمين خلال السنوات الماضية، ويحلمون بأن يرأف الموحدون بحالهم الذي يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، خاصة مع ظهور بوادر "أزمة مالية" هي أشد من تلك التي أصابتهم قبل عقدٍ من الزمان، ولله الفضل من قبل ومن بعد.

ويتناسى أعداءُ الله أنهم في هذه اللحظات التي يحرصون فيها على سلامة شعوبهم من الأمراض التي يكثر تناقلها في التجمعات والأماكن المغلقة، يحصرون عشرات الألوف من المسلمين في سجون ضيِّقة، ويحشرونهم في زنازين لا يكاد السجين فيها يستطيع الجلوس أو التنفس إلا بمشقة، ويأسرونهم في مخيمات لا تتوفر على أقل الخدمات التي يحتاجها الإنسان لبقائه على قيد الحياة، قد مات فيها الكثيرُ من الأطفال والنساء والشيوخ، من البرد والجوع والمرض والقهر، وحسبنا الله عليهم ونعم الوكيل.

ويتناسون أيضاً أنهم عندما حصروا المسلمين في الباغوز والموصل وسرت وغيرها حتى فتك بهم المرض والجوع، استغلوا ضعفهم وقلة حيلتهم بإبادتهم بالقصف المدمِّر ودفنوهم وهم أحياء في المنازل التي تؤويهم، وأحرقوهم "بالفوسفور" حتى داخل الخنادق التي تحصَّنوا بها من جرائمهم، فلم يرحموا عاجزاً ولا طفلاً ولا امرأةً ولا مصاباً، نسأل الله أن ينتقم منهم ويسلِّطنا على رقابهم أجمعين.

ويتناسون أيضاً هم ومن ينخدع بدعايتهم، أن الصليبيين اليوم وهم في أوج محنتهم لم يمتنعوا عن ارتكاب أبشع الجرائم بحق المسلمين في كل مكان، بل هم مستمرون حتى الساعة في قصف بيوتهم وقتْل أبنائهم في خراسان ووسط إفريقية والصومال وغيرها، فضلاً عن تقديمهم الدعم لأوليائهم من المشركين لفعل ذلك في أماكن أخرى، فهُم وكما قال تعالى في أمثالهم: {
لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ} [التوبة: 10]، قال الإمام الطبري رحمه الله: "لا يتقي هؤلاء المشركون الذين أمرتكم أيها المؤمنون بقتلهم حيث وجدتموهم، في قتل مؤمنٍ لو قدورا عليه إلاً ولا ذمة، فلا تُبقوا عليهم أيها المؤمنون، كما أنهم لا يبقون عليكم لو ظهروا عليكم".

فالواجب على المسلمين اليوم مع سعيهم في حماية أنفسهم وأهليهم من الداء المنتشر، السعي أيضاً لفكاك أسرى المسلمين في سجون المشركين ومخيَّمات الذلِّ التي يتهددهم فيها المرضُ بالإضافة لما يتعرضون له من إذلالٍ وقهرٍ وجوعٍ وعدوانٍ على أنفسهم ودينهم من قبل المشركين، وألّا تأخذهم رأفة بالكفار والمرتدين حتى وهم في أوج محنتهم، وأن يشدُّوا الوطأة عليهم ليزدادوا ضعفاً وعجزاً عن إيذاء المسلمين بإذن الله رب العالمين، وأن يضعوا في حسبانهم أن خسائر الصليبيين والطواغيت المالية وانشغالاتهم بتحصين بلدانهم من أنفسهم وأعدائهم الآخرين سيكون لها أثر كبير في الفترة القادمة على إضعاف قدراتهم على حرب المجاهدين، وأن يتذكّروا أن مما يُدفع به عذابُ الله وغضبه العام عن الناس؛ طاعته سبحانه، وأحبّ الطاعات إلى الله تعالى جهادٌ في سبيله، وتنكيل بأعدائه، ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز.





_____________________


رجب 1441هـ