شبكةُ شموخِ الإسلامِ


منتدى المجَاهِدَاتِ الشَّامِخَاتِ يُقَدِّم:



تفريغ كلمة صوتية




مؤسسة الفرقان، تقدّم:

كلمة صوتيّة للمتحدّث الرّسمي للدّولة الإسلاميّة
الشّيخ المهاجر أبي حمزة القرشيّ (حفظه الله تعالى)



بعنوان:



(وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ)





الصادرة عن صحيفة النبأ العدد 236
الخميس 5 شوال 1441 هـ


_____________________










إنّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
قال الله تبارك وتعالى: ﴿فَأَرسَلنا عَلَيهِمُ الطّوفانَ وَالجَرادَ وَالقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاستَكبَروا وَكانوا قَومًا مُجرِمينَ * وَلَمّا وَقَعَ عَلَيهِمُ الرِّجزُ قالوا يا موسَى ادعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفتَ عَنَّا الرِّجزَ لَنُؤمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرسِلَنَّ مَعَكَ بَني إِسرائيلَ * فَلَمّا كَشَفنا عَنهُمُ الرِّجزَ إِلى أَجَلٍ هُم بالِغوهُ إِذا هُم يَنكُثونَ * فَانتَقَمنا مِنهُم فَأَغرَقناهُم فِي اليَمِّ بِأَنَّهُم كَذَّبوا بِآياتِنا وَكانوا عَنها غافِلينَ﴾ [الأعراف: ١٣٣-١٣٦].
وقال سبحانه: ﴿وَجاوَزنا بِبَني إِسرائيلَ البَحرَ فَأَتبَعَهُم فِرعَونُ وَجُنودُهُ بَغيًا وَعَدوًا حَتّى إِذا أَدرَكَهُ الغَرَقُ قالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذي آمَنَت بِهِ بَنو إِسرائيلَ وَأَنا مِنَ المُسلِمينَ * آلآنَ وَقَد عَصَيتَ قَبلُ وَكُنتَ مِنَ المُفسِدينَ * فَاليَومَ نُنَجّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكونَ لِمَن خَلفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثيرًا مِنَ النّاسِ عَن آياتِنا لَغافِلونَ﴾ [يونس: ٩٠-٩٢].
فسبحان الله العظيم، الذي جعل بحكمته ذكر فرعون وطغيانه في كتاب يتلى إلى قيام الساعة، ليتّعظ به كلّ من كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيد، ويتجنّبوا مصير كلّ من طغى وتكبر وتجبر وأفسد البلاد وقتلّ العباد، إلا أنّ طواغيت هذا الزمان، قد جعلوا آية فرعون مثلاً ومنهجاً لهم يقتدون به في قتال الموحّدين، وحربِ شرع رب العالمين، فالحمد لله الذي خلّد ذكر فرعون وملئه إلى قيام الساعة.
ولولا ذاك، لخرج من طواغيت زماننا هذا أو من أوليائهم، من يقول إنّ فرعون رجلٌ من الصّالحين، حارب نبي الله موسى -عليه الصّلاة السلام- لأنهّ أراد أن يبدّل دين قومه ويظهر في الأرض الفساد! كما ادّعى فرعون لنفسه، قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَقالَ فِرعَونُ ذَروني أَقتُل موسى وَليَدعُ رَبَّهُ إِنّي أَخافُ أَن يُبَدِّلَ دينَكُم أَو أَن يُظهِرَ فِي الأَرضِ الفَسادَ﴾ [غافر: ٢٦]
أو يقولوا أنّ حربه للموحّدين وبطشه بالمستضعفين كان بطولةً، وأنّ هلاكه وجنوده وهم يلاحقون الفارّين بدينهم من بطشهم كان شهادةً، كما يزعمون اليوم لمن يحاربون الإسلام وأهله، ويهلكون وهم يقاتلون في سبيل الطّاغوت.
فهم معرضون عن التدّبر فيما أصاب من سبقهم من المجرمين الذين أخبرهم الله تعالى بحالهم ومآلهم، يصمّون أسماعهم عن الحقّ، ولا يتّعظون بالآيات، بل لا يتّعظون حتّى بما يصيبهم من العذاب، ولا يراجعون أنفسهم ولا يتوبون عن جرائمهم، ليزيدوا بذلك من غضب الله تعالى عليهم. قال الله تبارك وتعالى: ﴿فَما لَهُم عَنِ التَّذكِرَةِ مُعرِضينَ * كَأَنَّهُم حُمُرٌ مُستَنفِرَةٌ * فَرَّت مِن قَسوَرَةٍ * بَل يُريدُ كُلُّ امرِئٍ مِنهُم أَن يُؤتى صُحُفًا مُنَشَّرَةً﴾ [المدثر: ٤٩-٥٢] ، وقالَ سُبحْانهَ: ﴿وَلَنُذيقَنَّهُم مِنَ العَذابِ الأَدنى دونَ العَذابِ الأَكبَرِ لَعَلَّهُم يَرجِعونَ * وَمَن أَظلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعرَضَ عَنها إِنّا مِنَ المُجرِمينَ مُنتَقِمونَ﴾ [السجدة: ٢١-٢٢]، وقال عزّ شأنه: ﴿وَما تَأتيهِم مِن آيَةٍ مِن آياتِ رَبِّهِم إِلّا كانوا عَنها مُعرِضينَ * فَقَد كَذَّبوا بِالحَقِّ لَمّا جاءَهُم فَسَوفَ يَأتيهِم أَنباءُ ما كانوا بِهِ يَستَهزِئونَ * أَلَم يَرَوا كَم أَهلَكنا مِن قَبلِهِم مِن قَرنٍ مَكَّنّاهُم فِي الأَرضِ ما لَم نُمَكِّن لَكُم وَأَرسَلنَا السَّماءَ عَلَيهِم مِدرارًا وَجَعَلنَا الأَنهارَ تَجري مِن تَحتِهِم فَأَهلَكناهُم بِذُنوبِهِم وَأَنشَأنا مِن بَعدِهِم قَرنًا آخَرينَ﴾ [الأنعام: ٤-٦].

فهذه سنّة الله العظيم الّتي لا تتبدّل ولا تتغير؛ يحذّر سبحانه وتعالى بحكمته طواغيت كلّ زمان، فيذكّرهم بما أرسله من غضبه وأليم عقابه على جميع الأقوام التي حاربت دينه وأولياءه، ويذيقهم بعض بأسه، علّهم يرجعون عن طغيانهم وكفرهم، وليكون في ذلك نصرٌ لعباده الموحّدين، قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَلَقَد أَرسَلنا مِن قَبلِكَ رُسُلًا إِلى قَومِهِم فَجاءوهُم بِالبَيِّناتِ فَانتَقَمنا مِنَ الَّذينَ أَجرَموا وَكانَ حَقًّا عَلَينا نَصرُ المُؤمِنينَ﴾ [الروم: ٤٧].
فبرحمة منه سبحانه وتعالى ينتصر لعباده المؤمنين، وقد أذن المولى سبحانه بحرب على كلّ من عادى أوليائه الموحّدين، كما جاء في الحديث القدسي، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّ الله عليه وسلّم: (إنّ الله تعالى قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب)، وكما عذّب الله تعالى فرعون وملأه وأتباعه وأشياعه وجنده الذين عادوا الموحّدين ورسلَ رب العالمين، فأرسل عليهم سبحانه الطّوفان والجراد والقُمّل والضفادع والدّم آيات مفصّلات فاستكبروا وكانوا قوماً مجرمين؛ كذلك أرسل بقدرته سبحانه وتعالى على أتباع فرعون، طواغيت هذا الزمان وأشياعهم وأتباعهم ومنتخبيهم وعبيدهم وجنودهم ومطاياهم، عذابا من عنده، هو أضعف مخلوقاته سبحانه، لا تراه الأعين، وقد حيَّر العالم بأسره وعلى رأسه الطواغيت الجبابرة، الذين طغوا وساموا الموحّدين سوء العذاب، وكانوا سبباً في دمار ديار المسلمين، وتقتيل الصّبيان والنسّاء والمسنيّن، في أرض حُكمت بشرع الله تعالى رغم أنف أتباع فرعون وهامان، طواغيت هذا الزمان.

ولقد أصابكم اليوم أيها الصّليبيون بيد الله تعالى ما هو من جنس عملكم، بعد أن حاربتم دينه وأوليائه سبحانه وتكالبتم على دولة الإسلام؛ فكما رُميت أشلاء الموحّدين في الطّرقات بقصف طائراتكم، ولزم المسلمون منازلهم خوفاً من صواريخكم، ها أنتم اليوم بفضل الله تعالى ترون كيف رُميت جثث إخوانكم في الطّرقات والمزابل، وفرض حظر تجوال عليكم فلا تخرجون من منازلكم.
وكما حاصرتم ديار المسلمين في الموصل وسرت والباغوز وغيرها، ومنعتم دخول الطّعام والشّراب إليهم، فاليوم -بفضل الله تعالى- دارت عليكم الدّوائر وأصبحتم تستجْدون المساعدات بعد أن فقد كثيرٌ منكم كلّ ما يملكون.
وإن كنتم فرحتم يوماً بما أصابنا من القتل والتّدمير، فما أصابنا -بحمد الله تعالى- إلّا الخير والحسنى، ونحن نفرح اليوم بما أصابكم من عذاب الله العظيم الذي ساءكم في الدّنيا، وندعوه سبحانه وتعالى أن يسلّطنا عليكم فيصيبكم عذابٌ أكبر بأيدينا، ثم يكون العذاب الأكبر لكم يوم القيامة، يوم الحسرة والندّامة، إن لم تتوبوا وتؤمنوا بالله العظيم.
قال الله تبارك وتعالى: ﴿قُل هَل تَرَبَّصونَ بِنا إِلّا إِحدَى الحُسنَيَينِ وَنَحنُ نَتَرَبَّصُ بِكُم أَن يُصيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذابٍ مِن عِندِهِ أَو بِأَيدينا فَتَرَبَّصوا إِنّا مَعَكُم مُتَرَبِّصونَ﴾ [التوبة: ٥٢].
ولن يطول بكم الزمان حتّى يريكم ربُّنا جلّ وعلا مجدّداً ما تكرهون، من النّصر والتمّكين لدينه سبحانه في الأرض، وتحكيم شرعه فيها، وإنّكم ترونه بعيدا،ً ونراه قريباً، ولكنكّم لا تبصرون.
قَالَ اللهُ تبَاَرَكَ وَتعَالَى: ﴿وَنُريدُ أَن نَمُنَّ عَلَى الَّذينَ استُضعِفوا فِي الأَرضِ وَنَجعَلَهُم أَئِمَّةً وَنَجعَلَهُمُ الوارِثينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُم فِي الأَرضِ وَنُرِيَ فِرعَونَ وَهامانَ وَجُنودَهُما مِنهُم ما كانوا يَحذَرونَ﴾ [القصص: ٥-٦].
وإن كان سلفكم فرعون، قد هلك قبل أن يرى التمكين للمسلمين المستضعفين في الأرض، فإنّ ربنَّا جلّ جلاله قد أراكم من قبل على أيدي جنود الخلافة ما كنتم تحذرون، وجعلكم بعظمته سبحانه، في خوف ورعب منهم وهم بعيدون عنكم بعد المشرق والمغرب، حين مكّننا جلّ وعلا في الأرض، وأنتم كمثل المغشي عليه من الموت تنظرون؛ فجمعتم كلّ كلابكم في تحالف صليبيّ، يسابقكم إليه طواغيت العرب الذين ينسبون أنفسهم للإسلام وأهله زوراً، وكان التنافس بينكم في صبّ حقدكم على الموحّدين بكلّ ما تملكونه من الأسلحة، حتى التي حرمتموها وجرمتموها في قوانينكم الكفرية، في حرب أنفقتم فيها مليارات الدولارات؛ فقصفت طائراتكم الحجر والبشر، والصغير والكبير، وهدّمتم ديار المسلمين على رؤوسهم، وما نقمتم منهم إلا أنّهم آمنوا بالله العزيز الحميد.
لأنّنا صدعنا بالحقّ وكفرنا بكم وبما تعبدون من دون الله تعالى، لأننّا صدعنا بعقيدة الولاء والبراء، لأننّا صدعنا بملّة إبراهيم -عليه الصّلاة والسلام- وكفرنا بأنظمتكم الطاغوتية التي تعبدونها من دون الله تعالى.
وتيقّنوا، أنّ كلّ ما فعلتموه من جرائم لطالما تفاخرتم بها، لن تثنينا -بإذن الله تعالى- عن مسيرة الإيمان، وسنمضي في طريق النوّر والهدى غير آبهين أو خائفين أو متردّدين، أو مبدّلين؛ لأننّا ما قاتلنا ولن نقاتل من أجل مكاسب سياسية، ولا لتطبيق نظرية اجتماعية أو اقتصادية أو مقولة فلسفية، ولكنّه دين ربّ البرية، الذي أمر سبحانه وتعالى أنّ يقام في أرضه، وأن يحُكم به عباده، وأن يقُاتل في سبيله، فلن نساوم على ديننا، لن نداهن ولن نلين، لن نقيل أو نستقيل، حتّى يحكم بيننا وبينكم المولى الجليل.

فاسمعوها يا طواغيت العالم، اسمعوها منّا جيداً؛ لن ندع السلاح ولن تضع الحربُ أوزارها حتىّ لا تكون فتنةٌ في الأرض، ويكون الدّين كلّه لله وأنتم صاغرون.
وقد أصبحتم اليوم -بحمد الله ومنّه- تتحسرون على كلّ ما أنفقتموه في حرب الموحّدين، وها نحن نراكم وأنتم تنزفون الأموال بشدّة في محاولات يائسة لإنقاذ اقتصاداتكم التي أنهكتها حمى الوباء، وقد بات كثيرٌ من حلفائكم على حافّة الإفلاس، يستجدون الدّعم ويتسوّلون الدّيون، بعد أن ضيعوا أموالهم هباءً ليصدّوا عن سبيل الله، قال الله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذينَ كَفَروا يُنفِقونَ أَموالَهُم لِيَصُدّوا عَن سَبيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقونَها ثُمَّ تَكونُ عَلَيهِم حَسرَةً ثُمَّ يُغلَبونَ وَالَّذينَ كَفَروا إِلى جَهَنَّمَ يُحشَرونَ﴾ [الأنفال: ٣٦].
فالحمد لله الذي جعلكم تتحسرون على ما أنفقته أياديكم لحرب الموحّدين، والحمد لله الذي أرسل عليكم عذابه وأليم عقابه لتنشغلوا بأنفسكم وتكفّوا شركم عن المسلمين، ولا زلتم في حيرة وتخبط إزاء الفايروس القاتل، ولا زلتم عاجزين عن معالجته، خائفين من مآلات أمره، وقد كنتم تزعمون أنكّم ملكتم الدّنيا بما فيها، وقلتم كما قال أسلافكم الكافرون من قبل: "من أشدّ مناّ قوّةً اليوم" !؟، فالله أقوى وأكبر، والله أعظم وأجلّ، هو وحده من سلّط عليكم عذابه، وهو وحده سبحانه القادر على أن يرفعه، فتوبوا لربكم واسألوه يجبكم، واستغيثوه يغثكم، ولا تتكبروا عليه سبحانه فيزيدكم من بأسه وعذابه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم، فالله عزيز في انتقامه، حكيمٌ في أمره وتدبيره.
قال الله تبارك وتعالى: ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاستَمِعوا لَهُ إِنَّ الَّذينَ تَدعونَ مِن دونِ اللَّهِ لَن يَخلُقوا ذُبابًا وَلَوِ اجتَمَعوا لَهُ وَإِن يَسلُبهُمُ الذُّبابُ شَيئًا لا يَستَنقِذوهُ مِنهُ ضَعُفَ الطّالِبُ وَالمَطلوبُ * ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزيزٌ﴾ [الحج: ٧٣-٧٤]، وقال سبحانه: ﴿وَلَو رَحِمناهُم وَكَشَفنا ما بِهِم مِن ضُرٍّ لَلَجّوا في طُغيانِهِم يَعمَهونَ * وَلَقَد أَخَذناهُم بِالعَذابِ فَمَا استَكانوا لِرَبِّهِم وَما يَتَضَرَّعونَ﴾ [المؤمنون: ٧٥-٧٦]. وقال عزّ شأنه: ﴿وَقَد مَكَرَ الَّذينَ مِن قَبلِهِم فَلِلَّهِ المَكرُ جَميعًا يَعلَمُ ما تَكسِبُ كُلُّ نَفسٍ وَسَيَعلَمُ الكُفّارُ لِمَن عُقبَى الدّارِ﴾ [الرعد: ٤٢].

فلعلّكم ترجعون عن طغيانكم وتخافون، بعد أن رأيتم آيات الله تعالى في بلدانكم، فمالكم لا تتّعظون بالآيات التي نزلت بأسلافكم، ولا بالأمم الأخرى التي هلكت من قبلكم، وقد مضيتم من فساد إلى فساد، واستمرأتم الذلّ والهوان والإلحاد، قال الله تبارك وتعالى: ﴿ظَهَرَ الفَسادُ فِي البَرِّ وَالبَحرِ بِما كَسَبَت أَيدِي النّاسِ لِيُذيقَهُم بَعضَ الَّذي عَمِلوا لَعَلَّهُم يَرجِعونَ﴾ [الروم: ٤١]، فلعلّكم بعد هذا ترجعون، وتخافون من الملك الجبار وتتّعظون، عن عطاء بن أبى رباح عن عبد اللّه بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: أقبل علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: (يا معشر المهاجرين، خمسٌ إذا ابتليتم بهنّ وأعوذ بالله أن تدركوهنّ، لم تظهر الفاحشة في قوم قطّ حتّى يعلنوا بها إلاّ فشا فيهم الطّاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الّذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدّة المؤونة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم، إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلاّ سلّط الله عليهم عدوّاً من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلاّ جعل الله بأسهم بينهم).

فاللّهم ندعوك أن تسلّط الطّاعون والأوجاع والأسقام، على أتباع فرعون طواغيت العرب والعجم أعداء الإسلام؛ فإنهّم ما تركوا فسادا إلا وجاهروا به وحاربوا به العباد، ويارب ندعوك أن تسلّم المسلمين في كلّ مكان من الأوبئة والأمراض وسيء الأسقام.
ونسأله تعالى أن ينتقم من سحرة العصر علماء الطّواغيت المجادلين عنهم، المبررين لكلّ باطل يصدر منهم، فلقد رأيناهم في محنة الوباء الأخيرة كيف يحرصون على الدّعوة لإغلاق المساجد ومنع الجمع والجماعات، والحجّ والعمرة، وغيرها من شعائر الإسلام، بحجّة الخشية من العدوى، في الوقت الذي يسكتون فيه عن تجمعات الفسق والمجون، ومن في النوادي والصّالات يرقصون، وتجمعات الشّرك والكفر في كنائس النصّارى ومعابد الأصنام التي إليها يسابقون، وكأنّ العدوى لا تنتقل إلا في مساجد المسلمين! وكلّ ذلك طاعةً لأوليائهم الطّواغيت الذين يزعمون من خلال ادّعاءاتهم الكاذبة، المحافظة على صحّة الناّس وسلامتهم، في الوقت الذي يحبسون فيه مئات الألوف من المسلمين في سجونهم يسومونهم فيها العذاب، وتنتشر فيها مختلف الأوبئة والأمراض.
ونسي هؤلاء المجرمون في ظلّ انشغالهم بتنفيذ أوامر طواغيتهم حتى أن يأمروا الناّس بالعودة إلى الله تعالى، والتوّبة والإنابة إليه سبحانه، والاستغفار من الذّنوب والآثام، وقد قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ [الأنفال: 33 ].


وإلى المسلمين في كلّ مكان...

نكرر تذكيركم بواجبكم تجاه دينكم وإخوانكم، من نصرتهم بالنّفس والمال، والذّود عن أعراضهم، والسعي للّحاق بهم ومشاركتهم جهادهم في سبيل الله تعالى، قال المولى سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الصف:10 - 13]
فإلى متى تبقون متخلّفين عن نصرة دينكم، وعن جهاد عدوّ الله وعدوكم؟! وما هو عذركم أمام الله تعالى بقعودكم؟! أعدّوا للسؤال جوابا وللجواب صواباً.
فالله الله في نصرة دينكم، فلقد نصع الحقّ وانكشف زيف الباطل، ولم يعد يخفى كفر من يقف في فسطاط الملحدين الذين أعلنوها صريحةً حرباً على الموحّدين.

وما نحن اليوم إلا فسطاطان؛ فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه، ولقد عاينتم كيف اصطفّت أحزاب وحكومات الردة في خندق واحد مع الصّليبيين واليهود، والروافض والنّصيرية، والوثنيين والعلمانيين، وملل الكفر أجمعين، فاجتمعوا علينا من كلّ حدب وصوب، وما تردّد أحدٌ من تلك الأحزاب المرتدّة الكافرة في قتالنا، فالقريب قبل البعيد.
بل وحتىّ من زعم أنهّ على طريق الجهاد! فتارةً بزعمهم أننّا خوارج مارقون، وتارةً بزعم أننّا في الأرض مفسدون، وتارةً بأنّنا غلاةٌ متعصّبون متشدّدون، فلا والله ما صدقوا بهذه ولا بتلك، فعسى أن يتشاوروا فيما بينهم ويخرجوا علينا برأي واحد، ويصرحوا معلنين بأنّها حربٌ على المسلمين، ولتبديل شرع رب العالمين.

فنحن أعلنّاها بكل وضوح أنّنا -ولله الفضل والمنّة- على منهاج خير البشر نبينا محمد عليه الصّلاة والسلام الذي بعث بالسيف بين يدي الساعة حتّى يعبد الله وحده، وقد قيل له حين مبعثه عليه الصّلاة والسلام: "ما جاء أحدٌ بمثل ما جئت به إلا عودي"، وأفعالنا تغني عن مقالنا.
وقد كناّ ولا زلنا -بحمد الله وحده- شوكةً في حلوق الأحزاب المنحرفة عن الشّيعة، المبدّلة لدين الله تعالى، وكناّ ولا زلنا -بحمد الله وحده- سدّا مانعاً أمام مساعيهم لإضلال المسلمين وإفساد عقائدهم وسوقهم إلى مهاوي الدّيموقراطية والوطنية وموالاة المشركين.
ولو لم يكن للدّولة الإسلامية إلا أنهّا منعت عشرات الألوف من شباب المسلمين من القتال والموت تحت الرايات الكفرية والعمية فيخسروا بذلك دينهم ودنياهم لكفاها ذاك؛ فكيف وقد أقمنا الدّين، وحكمنا الأرض بشرع رب العالمين، ونصّبنا الإمام لنوحّد جماعة المسلمين، رغم أنف الصّليبيين، ورغم أنف أتباعهم المرتدّين، وذاك سبب عدائهم لنا وتكالبهم علينا.

وهم اليوم يخطّطون لتنفيذ مشاريع خيانة جديدة تأخّروا في الإعلان عنها بضع سنين، وقد كانوا يخفونها خشية انفضاض أتباعهم عنهم، ولحوقهم بالدّولة الإسلامية، وتدور كلّها حول التّحالف مع الصّليبيين لقتال الموحّدين، ومنع تحكيم شرع رب العالمين، في سبيل نيل الرضا منهم، وقبولهم بإعطائهم بعض المكاسب والمناصب.
ومن هذه المشاريع، الاتفّاق بشأن انسحاب الجيش الأمريكي من أفغانستان، والذي هو غطاءٌ للتحالف القائم بين ميليشيا طالبان المرتدّة والصّليبيين لقتال الدّولة الإسلامية، وأساسٌ لإقامة الحكومة الوطنية التي تجمع مرتدّي طالبان مع الروافض المشركين وغيرهم من طوائف الكفر والردة، ولم يكن لهذا الاتفّاق أن يتم، إلا بعد الحملة الصّليبية على جنود الخلافة في منطقة ننجرهار، والتي شارك فيها أيضاً مرتدّو الجّيشين الباكستاني والأفغاني، وإخوانهم من ميليشيا طالبان وغيرها من الميليشيات المرتدّة.
وقد حسبوا بعدها أنّهم قضوا على دولة الإسلام، وخلت لهم الأرض ليفعلوا فيها ما يشاؤون، فخابت ظنونهم بفضل الله تعالى وحده، وكذّب جنود الدّولة الإسلامية أحلامهم، فلا زالت عملياتهم -بحمد الله- دائمة مستمرة في قلب عاصمة الطّاغوت، وفي غيرها من مناطق خراسان، تقضّ مضاجع الصليبيين والمرتدّين، وتزلزل أركانهم، وتحطّم أوهامهم.
ولا زال المجاهدون عازمين على قتالهم، حتىّ يطهّروا الأرض من شركهم، ويقيموا دين الله تعالى وحده في تلك البلاد، بإذن المولى سبحانه.
ولا زالوا حريصين على إفشال كل خطط المرتدّين، وعلى إسقاط حكوماتهم الكافرة، وقوانينهم الفاجرة، نسأل الله تعالى أن يبارك في جهادهم، ويعظم نكايتهم في أعدائهم، ويجعلهم فوقهم قاهرين.

وأما في ولاية العراق، فقد عاد مرتدّو الصّحوات لإخراج رؤوسهم من الجحور التي دخلوها منذ سنين، وهم يأملون أن تتيح لهم أمريكا إعادة تنظيم فصائلهم المنقرضة، وأن تمنحهم إقليماً يحكمونه بشريعة الطاغوت، لقاء أن يكونوا لهم جنداً محضرين في قتال دولة المسلمين، وإعاقة نشاط جنودها هناك كما يفعل إخوانهم في الشام اليوم، وقويت هذه الأطروحات بعد أن تولّى الحكومة الرافضية عميل أمريكا المقرب وجاسوسها المحبب الطاغوت "مصطفى الكاظمي" قبّحه الله ومن والاه، والذي يأملون أن يكون أقلّ عداءً لهم من مندوبي الأحزاب الرافضية الآخرين كالمالكي والجعفري والعبادي وعبد المهدي، الذين سبقوه في منصبه، وشابهوه في كفره وردّته.

وربما طال على هؤلاء الأمد فنسوا ما حلّ بهم في السنوات الماضيات على أيدي جنود دولة الإسلام، الذين طهّروا الأرض من دنسهم، وجعلوهم عبرة لمن خلفهم من الأنام.

ونحن جاهزون مستعدّون -بإذن الله تعالى- لإعادة الدّرس من جديد مرات ومرات، ولن يشغلنا عن ذلك قتال الروافض والصّليبيين وأمم الكفر أجمعين.
ولعلّهم نسوا كيف غدرت بهم أمريكا من قبل، بعد أن استنفدت فائدتها منهم بقتال الموحّدين، ثم أسلمت رقابهم للروافض المشركين، فساموهم سوء العذاب، قتلا وأسرا وتشريداً.
ولعلّهم يتناسون أنّ المرتدّ الكاظمي كان ولا زال على رأس جهاز الاستخبارات، سيف الرافضة المسلّط على رقاب المستضعفين من المسلمين، وأداتهم الطّيعة في تلفيق التّهم لهم، لاعتقالهم وتعذيبهم وقتلهم، تحت ما يسمونه غطاء القانون، فما لهم لا يفقهون، وما لهم لا يعقلون؟!
ونحذّرهم من أن يجعلوا أنفسهم مرةً أخرى حطباً لنار الروافض والصّليبيين؛ ولعلّ عمليات جنود الخلافة الأخيرة في مختلف مناطق العراق توقظهم من أحلامهم، وتزيل من رؤوسهم وساوس الشياطين الذين يوحون لهم أنّ الأرض قد خلت من آسادها، وقد آن للثعالب أن تستأسد فيها، والسعيد من اتّعظ بغيره، وانتفع بتجاربه.

وأما الروافض فنقول لهم: استعدّوا لمواجهة الموحّدين وجهاً لوجه بعد أن بدأ أسيادكم الأمريكان بسحب قوّاتهم من العراق، فلن تنفعكم بإذن الله تعالى ادعاءاتكم الإعلامية الكاذبة الموهومة، ولا حملاتكم وانتصاراتكم المزعومة، وما أصابكم خلال الأسابيع الماضية على أيدي جنود الخلافة إلا غيضٌ من فيض.
فاعلموا يا رافضة العراق، ويا نصيرية الشّام، ويا إيران المجوس اللّئام، ويا حوثة الشّرك عباد الأضرحة والأصنام، يا من تساندون بعضكم لقتال الموحّدين، أنّ حربكم معنا طويلة، ولا قبل لكم بها، ولستم أكفاء لها بإذن الله تعالى، فلقد عزمنا أن لا يمر يومٌ إلا وتسُال فيه دماؤكم النجّسة بإذنه سبحانه، ولقد عاينتم يا نصيرية الشّام، كيف تخرج أرتالكم لقتالنا ولا تعود، تتخطّفها كمائن ومفارز الأسود.

وأما في ولاية غرب إفريقية التي عجز الصّليبيون والمرتدّون عن هزيمة الدّولة الإسلامية في مختلف مناطقها، يقدّم مرتدّو تنظيم القاعدة أنفسهم للنّيابة عنهم في قتال أجناد الخلافة، لقاء قبول الطّواغيت هناك التفّاوض معهم وترك الصّليبيين لقتالهم!
فقد وادعوا جميع طوائف الكفر والردة في تلك البلدان، ليوجّهوا قوّتهم كلّها لقتال جنود الدّولة الإسلامية، ويمنعوهم من جهاد جيوش الصّليبيين وأوليائهم المرتدّين في مالي والنيجر وبوركينا فاسو والجزائر، بل وانتقلوا من طور الموادعة إلى طور التوّلّي والمظاهرة على المسلمين، سنّة إخوانهم في باقي الفروع والأنحاء.
وقد ساءهم وأقضّ مضاجعهم الأخبار التي تتوالى تترى عن فتوحات جنود الخلافة، وتنكيلهم بجيوش الردة، وأنباء عجز الصّليبيين والمرتدّين عن التّصدّي لهم.
كما أغضبهم هجوم المجاهدين المتكرر على الجيش المرتدّ في الجزائر، وهم تركوا قتاله من سنين، بل وجعلوا من أنفسهم كلاب حراسة له، يمنعون غيرهم من ذلك ولو بقتاله!
ثم كانت قاصمة ظهرهم بترك جماعات كبيرة من أتباعهم لهم، والتحاقهم بالدّولة الإسلامية، بعدما تبينت لهم الحقائق التي حجبت عنهم في الفترات الماضية، فإذا بهم اليوم يقتلون من يتركهم لينضم إلى جنود الخلافة في ولاية غرب إفريقية، ويتهّمونه بالخارجية، ويستحّلون دمه وماله، بغيا وضلالاً، وذلك في الوقت الذي لا يمنعون من ينضم من أتباعهم إلى الفصائل المرتدّة من العلمانيين والوطنيين وغيرهم، ويرونهم إخوانا لهم يوالونهم في الدّين.
وإنّ جنود الخلافة قد أجّلوا قتالهم وصبروا على أذاهم سنين، وهم يدعون أتباعهم إلى الحقّ بالحسنى، ويجادلون أمراءهم وطلبة العلم منهم بالتي هي أحسن.
ولكن ما بقي بعد غدرتهم عن القتال محيد، إذ لا يردّ الحديد إلا الحديد، وإن عادوا لقتالنا عدنا لهم من جديد، ولدينا من الهزائم لهم -بإذن الله تعالى- مزيد، ولا حول ولا قوّة إلا بالله العزيز الحميد.


وإلى أجناد الخلافة في كلّ مكان:

بارك الله تعالى بكم وبجهادكم وبعملياتكم الأخيرة، التي هزت حكومات وأحزاب الكفر والردّة في كل مكان.
لله دركم، فلقد فجع العالم بصدق فعالكم، وقد بات أعداء الإسلام -بفضل الله تعالى- متحيرين في كيفية إيقافكم وصدّكم، وقد بذلوا في سبيل ذلك أقصى ما يملكون، وبان لهم -بفضل الله تعالى- خلاف ما كانوا يظنوّن.
فاعلموا إخوتنا وأحبتنا في الله، أنّ الطّريق طويلٌ، فلا بدّ من الزاد، قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [البقرة: 197 ]، وقال سبحانه: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [القصص: 83].
فنوصيكم وأنفسنا بتقوى الله العظيم في السر والعلن؛ وإنّ من أعظم ما يتُقّى الله فيه المؤمنون، دماؤهم وأموالهم وأعراضهم، لأنّها أعظم حرمةً عند ربنا جلّ وعلا من كلّ شيء، وقد كان مما وصّى به النبّي عليه الصّلاة والسلام أمته في حجّة الوداع: (إنّ دماءكم، وأموالكم وأعراضكم حرامٌ عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا) [متفق عليه].
فالله الله في دماء المسلمين وأموالهم، احذروا من المساس بها إلا بحق الإسلام، واحرصوا على الدّفاع عنها من أيدي الكفّار والمرتدّين، والله الله في أعراض المسلمين، فاحذروا من الغيبة والبهتان، ولا تقولوا فيهم إلا خيراً.
وكذلك نوصيكم بأن تستشعروا ثقل الأمانة التي ألقيت على عواتقكم، فلقد حملنا أمانةً عظيمةً، أبت حملها السماوات والأرض والجبال وأشفقن منها، فالله الله فيما استُؤمنتم عليه، والله الله في نصرة المستضعفين ورفع الظّلم عن المظلومين، فأنظار الموحّدين في مشارق الأرض ومغاربها ترقب طلائعكم، وآمالهم بعد الله تعالى فيكم.
واعلموا أنّ العالم كلّه مقبلٌ على أمور عظيمة، وأنّ ما تشاهدونه اليوم ما هو إلا إرهاصاتٌ لتحوّلات كبرى، ستشهدها بلدان المسلمين في الفترة المقبلة، بإذن الله تعالى، وسيكون فيها فرصٌ أعظم من التي يسرها الله تعالى لكم، قبل عقد من الزمان في بعض البلدان، التي شهدت من الأحداث ما تعرفون.
فأعدّوا للمرحلة القادمة ما تستطيعون من القوّة ومن رباط الخيل، وأرهبوا أعداء الله وأعداءكم، وآخرين من ورائهم لا تعلمونهم، الله سبحانه بهم خبيرٌ عليم.
ونوصيكم بالشّدّة على أعداء الله الكفرة، خاطبوهم بالسيوف المرهفات، وسعّروا الغزوات ولا توقفوا الغارات، ولا تتركوا يوماً يمر على المرتدّين وأسيادهم الصليبيين إلا وقد نغصتم فيه عيشهم.
فاكمنوا لهم في الطرقات، وأحرقوا أرتالهم بالعبوّات، ودمروا الحواجز والثكّنات، وليكن شعار أحدكم لا نجوت إن نجى عباد الطّواغيت.
وشمروا عن ساعد الجدّ، وواصلوا ليلكم بنهاركم، وابذلوا أغلى ما تملكون، الأنفس والمهج لإعلاء كلمة التّوحيد وقتال أعداء الملّة والدّين.

ونبلّغكم، بأنّ الشّيخ أمير المؤمنين وخليفة المسلمين أبي إبراهيم الهاشمي القرشي -حفظه الله تعالى وفتح على يديه- يخصّكم بالسلام، ويبارك لكم غزوة الاستنزاف، ويوصيكم بالصّبر والثبّات، والمداومة على ذكر الله تعالى والتقرب إليه سبحانه بالطّاعات.
كما يوصيكم برسم الخطط ومضاعفة العمليات، والثأر للمسلمين وأعراضهم ورفع الظّلم عنهم، والسعي لاستنقاذ إخوانكم الأسرى والأسيرات في كلّ مكان، فابذلوا كلّ الأسباب، ولا تدّخروا وسعا في ذلك.

وإلى إخواننا الأسرى والأسيرات -ثبتهم الله تعالى-؛ يذكّركم أمير المؤمنين -حفظه الله تعالى- بالصّبر على ما أصابكم من البلاء، وأن لا تفتر قلوبكم وألسنتكم عن ذكر الله العظيم، واستعينوا بالصّبر والصّلاة، وليكن أحدكم على يقين أنّ الله تعالى لن يكسر قلوب المؤمنين.
واعلموا أنّ إخوانكم بعد توكّلهم على الله تعالى ما نسوكم يوماً، فهم يبذلون كلّ ما بوسعهم لاستنقاذكم، والثّأر لكم من سجّانيكم ومحقّقيكم؛ فالصّبر الصّبر والثبّات الثبّات، قال الله تبارك وتعالى: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ [الشّرح: 5- 6].

وإلى الطواغيت الحاكمين لبلدان المسلمين، الذّين ما تركوا باباً من أبواب الكفر والخيانة إلا ودخلوه، ولا طريقةً لإعانة الصّليبيين في حربهم على المسلمين إلّا وظاهروهم بها؛ لقد بدأت -بفضل الله تعالى- أموالكم بالنّفاد، وقد كنتم تنفقونها لتصدّوا عن سبيل الله تعالى.
ولقد بدأ أولياؤكم الصّليبيون بالانكفاء على مشكلاتهم، وقد كنتم تحسبون أنّهم سيمنعونكم منّا إلى قيام الساعة، فمن يمنعكم منا بعد اليوم؟! ومن يحول بينكم وبيننا؟!
فبإذن الله تعالى، سنستمر في معاداتكم، ونبقى ساعين دائماً في قتالكم، وتحريض المسلمين على ذلك، حتّى تتوبوا إلى الله تعالى من كفركم، وتحجموا عن ظلمكم، وتكفّوا أيديكم عن دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم.
ولا نفرق بين مجاهر منكم بالعداوة للدّين وأهله، وبين من يستخفي بذلك، ويواري سوءة كفره برشوة الإخوان المفسدين المرتدّين، لينصّبوه لهم إماماً وهادياً، وهو يقودهم كالعمي إلى سواء الجحيم، كطواغيت تركيا وقطر.
فلم ننس يوماً أنّ قاعدة "العديد" التي بناها طواغيت قطر ليستضيفوا فيها الجّيش الأمريكي، كانت ولا زالت مركز قيادة الحملة الصّليبية على المسلمين في خراسان والعراق والشّام واليمن.
ولم ننس يوماً أنّ طواغيت قطر كانوا هم المخطّط والمنفّذ والمموّل، لمشروع تحويل الفصائل المقاتلة في العراق إلى صحوات عميلة للروافض والصّليبيين، مهمتها الوحيدة قتال الموحّدين.
ولم ننس يوماً أنّهم موّلوا مشروع الصّحوات في الشّام، ووجّهوه عن طريق الإخوان المرتدّين وعلماء السوء المؤتمرين بأمرهم، ليحرفوا بنادق الفصائل عن صدور النّصيرية إلى ظهور المسلمين.
ولم ننس يوما أنهّم كانوا ولا زالوا يموّلون ويدعمون الحكومة الرافضية في حربها على أهل السنةّ، ولا أنهّم مولّوا الحرس الثوري الإيراني وميليشيات الحشد الرافضي بأكثر من مليار دولار ليستمروا بذبح المسلمين وتدمير أرضهم وانتهاك أعراضهم، فيما عرف حينها بصفقة تسليم مدينة الزبداني للنصيريين، ولن ننسى يوماً جرائمكم.. ولكلّ أجل كتاب.

ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، ربنا ولا تحمل علينا إصرًا كما حملته على الذين من قبلنا، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به، واعف عنا واغفر لنا وارحمنا، أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين، واللّه غالبٌ على أمره ولكنّ أكثر الناّس لا يعلمون.

والحمد لله رب العالمين.




_____________________




شوال 1441 هـ